الكثير منا يُشاهد الحياة المائية من أسماك وحيوانات بحرية وشُعب مُرجانية فقط على شاشات التلفاز، ولا يتخيل مُطلقاً أنه يُمكنه مُمارسة رياضة الغطس ومُشاهدة تلك الحياة المائية عن قرب، ورؤية قدرة وإبداع الخالق في خلقه؛ فالغوص في أعماق الماء متعة لا
تضاهيها متعة، ولا يمكن وصفها بمجرد كلمات.
ورؤية الحيوانات المائية في بيئتها الطبيعية مخاطرة كبيرة تستحق التجربة، خصوصاً لو كانت وجهتنا خمس من أفضل أماكن الغطس بالعالم، التي يُمكن للغواصين المبتدئين الاقتراب والتفاعل مع الحيوانات المائية بكل سهولة وبشكل آمن تماماً، بعكس معظم أماكن الغطس بالعالم. وإليك قائمة بأفضل أماكن الغطس بالعالم:
1. الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا
تُعد سلسة الشعاب المرجانية الواقعة في بحر”كورال” بالقرب من ولاية “كوينزلاند” بشمال أستراليا أحد عجائب الله في أرضه، تم اكتشافه من قبل “جيمس كوك”- أحد أهم المستكشفين الأوروبيين- عام 1770م، واخُتير كموقع للتراث العالمي عام 1981م، ومن ذلك الحين يعد من رموز ولاية كوينزلاند وأستراليا، وابتداءً من شهر يونيو وحتى شهر نوفمبر من كل عام، يستقبل الحاجز زائريه الذي يأتون إليه من كل مكان، للاستمتاع بأكثر أماكن العالم اكتظاظاً بالحيوانات البحرية، والاقتراب منها وملامستها علي الطبيعة.
ويمتد الحاجز المرجاني العظيم لمسافة 2300 كم تقريباً، ويشمل على حوالي 900 جزيرة متنوعة، ويضم أكثر من 1400 نوعية من الشعاب المرجانية، وأكثر من 1500 نوع معروف من الأسماك البحرية، وحوالي 3000 نوع من الحيوانات الرخوية، وأكثر من 175 نوعاً من الطيور المختلفة، و 630 نوعاً من شائك الجلد (نجم البحر، قنافذ البحر)، و 215 نوعاً من الطيور، منها 22 نوعاً من الطيور البحرية و32 نوعاً من الطيور الساحلية، و ستة من سبع أنواع في العالم من السلاحف البحرية، و30 نوعاً من الحيتان والدلافين، و133 نوعاً من أسماك القرش، وأكثر من 350 نوعاً من المرجان الصلب، بالإضافة إلى التنوع الكبير في الإسفنج، وشقائق النعمان، والديدان البحرية والقشريات، كما انه يُعد موطناً للعديد من الحيوانات المائية المهددة بالانقراض مثل الأطوم (بحر البقر)، والسلحفاة الخضراء الكبيرة.
ويعتقد الخبراء أن تاريخ تلك المنطقة يرجع إلي ما يقرب من 18 مليون سنه، كما يُقال أنه الشيء الحي الوحيد الموجود على سطح الكرة الأرضية الذي يمكن مشاهدته من الفضاء الخارجي.
2. جزر غالاباغوس
مُنذ أكثر من 5 مليون سنه مضت، وبفضل النشاط الزلزالي والبركاني في هذه المنطقة الاستوائية، تشكلت جزر غالاباغوس Galapagos Islands بقرابة السواحل الأمريكية الجنوبية، على بعد 1050 كم تقريباً من ساحل الإكوادور، وتبلغ مساحة هذه الجزر حوالي 7844 كيلومتر مربع، وبالرغم من أنها منطقة استوائية، إلا أنها تتمتع بمناخ مختلف تماماً عن باقي المناطق الاستوائية نظراً لموقعها في منطقة المحيط الهادئ الجاف نسبياً.
وتتكون “غالاباغوس” من 19 جزيرة بركانية رئيسية، 13 منها كبيرة و6 صغيرة، وحوالي 107 من الصخور والجزر الصغيرة، وتشتهر بكثرة الأنواع البحرية المستوطنة فيها، مثل “الإغوانة البريّة” و”السلحفاة العملاقة” التي تزن حوالي 230 كم تقريباً، ونوع نادر من الغاق “غراب البحر” الذي لا يستطيع الطيران، وطائر”البطريق” الذي يشاع أنه لا يعيش إلا في أنتاركتيكا، وطائر “الحاكي” وهو نوع غير معروف في أي مكان آخر بالعالم، وطيور البلشون (مالك الحزين) وطيور البحر التي تسمى “الأطيش”، وسرطانات البحر القرمزية التي تشبه الفصائل التي تعيش في المحيط الأطلسي.
وعُرفت تلك الجزر فيما مضى بالجزر المسحورة، حيث استخدمها القراصنة القدامى في دفن كنوزهم المسروقة بها، كما أنها تعد ملجأً للناجون من السفن الغارقة هناك، وأحياناً تستخدم كمنفي للمتمردين.
وفي عام 1990م كان يعيش في هذه الجزر 9710 نسمة تقريباً، إلا أن التقديرات تشير إلى أن هذا الرقم قد تضاعف منذ ذلك الوقت، كما أنها تعد مزاراً سنويا لحوالي 60 ألف سائح سنوياً. ومن أهم الجزر التابعة لها: جزيرة بالترا، بارتولومي، داروين، إسبانيولا، فرناندينا، فلوريانا، جينوفيسا، مارشينا، سيمور، وتعتبر إيزابيلا أكبر جزر غالاباغوس حيث تبلغ مساحتها 4640 كم2 تقريباً.
3. جزيرة “كوكوس” بكوستاريكا
تقع جزيرة كوكوس Cocos Island في المحيط الهادئ على بعد 300 ميلاً إلى الجنوب الغربي من ساحل “كابو بلانكو” الكوستاريكي، وحوالي340 ميلاً إلى الغرب من جزيرة “مالبيلو”، وتشكلت الجزيرة خلال ثورة بركانية هائلة منذ حوالي 2.5 مليون سنة مضت، وتبلغ مساحتها حوالي 23.85 كم2 تقريباً، وتستقبل الجزيرة ما مُعدله 25 قدماً من مياه الأمطار سنوياً، مما أدى إلى تغطيتها بشكل كامل بالأشجار الخضراء، كما تكثر فيها الشلالات، ولذلك تم إطلاق عليها اسم الحديقة الوطنية بكوستاريكا.
وتعد جزيرة كوكوس موطناً لما لا يقل عن 27 نوعاً من الأسماك، بما في ذلك سمك” بات فيش” أحمر الشفاه الغريبة، وأسماك القرش “المطرقة”، والدلافين، وسمك “الانقليس موراي” العملاقة، وسمكة الزعنفة الشراعية، والتونة، وأسماك القرش الحريري، وأسماك قرش رأس الفضة، ومارلين، والأسماك الكريول، والسلاحف الخضراء، والإخطبوط.
أما بالنسبة للحياة البرية هناك، فهي موطن لعدد كبير من النباتات النادرة؛ فيوجد بها حوالي 70 من 235 نوع من النباتات الوعائية في العالم، وما يزيد عن 80 نوع من الطيور منها الوقواق ومصيدة الذباب، وهناك أيضاً 362 نوع من الحشرات.
وللغواصين المحترفين فقط يوجد العديد من الأماكن بالجزيرة التي يمكن الغوص بها ومن أهمها:
- الصخرة السيئة: من أهم ما يجذب الغواصين للعودة مرة أخرى إلى جزيرة كوكوس، لكونها تضم تشكيلة هائلة من المخلوقات البحرية الأكثر إثارة وديناميكية بالعالم، ومنها أسماك قرش المطرقة، وحيوان ماربل رييز، والسلاحف، والدلافين، والحيتان ومجموعة كبيرة من الشعب المرجانية.
- صخرة جراد البحر: هذه الصخرة التي تشبه الإصبع، وكثير من الغواصين لا يقتربون منها بسهولة، حيث تقع في منطقة رملية عميقة، ولكنها جذابة والقليل منهم من يذهب لمشاهدتها والتقاط صورة بجوارها.
- الصخرة المغمورة: حيث يمكنك الاقتراب أكثر من أسلوب معيشة أسماك القرش، فتجد من خلال غوصك في ثقب صغير في الصخور، حضانة لأسماك القرش ذات الرأس الأبيض، ويمكنك أيضاً مشاهدة الإناث الحوامل والرضع الصغيرة.
- صخرة دوس أميجوس غراندي الكبيرة: هي أكبر صخرة في الجانب الجنوبي من جزيرة كوكوس، وتعد نقطة الجذب الرئيسية لهذا الموقع، وتمثل مأوى رائع بالنسبة لعدد كبير من الكركند (نوع من القشريات البحرية الكبيرة)، الحُمرة والشعب المرجانية الرائعة، حتماً لا يستطيع أي من الغواصين مشاهدتها مرة، إلا ويأخذ قراراً بالرجوع إليها مرة أخري.
4. جزيرة “بالاو”
تقع جزيرة “بالاو” Palau في المحيط الهادي على بعد 800 كم شرق الفلبين، اكتشفها القبطان الإنجليزي “هنري ويلسون” عام 1783م، وتستضيف سنوياً أكثر من 50 ألف سائح، ويبلغ عدد سكانها ما يقارب عشرين ألف نسمة، وتتميز بمناخ مداري طوال العام، ونظراً لكثرة الجزر التابعة لها، تمتد شواطئها لمسافة 1500 كم تقريباً.
وتتكون جزيرة”بالاو” من 6 مجموعات رئيسية من الجزر، تتكون من 300 جزيرة متفرقة، وتبلغ مساحتها مجتمعة حوالي 458 كم2. وعلى مدار السنوات الماضية، اشتهرت هذه الجزر بالغوص بالقرب من حطام السفن الغارقة بها، بداية من عام 1969م عندما جاء “جاك كوستو” إلى بحيرة “شوك بالاو” لتصوير فيلم حطام الأسطول الياباني في المحيط الهادئ الذي غرق أثناء الحرب العالمية الثانية.
وتضم مظاهر متنوعة للحياة البحرية من الشعاب المرجانية، والأشعة، والسلاحف، وأكثر من 200 نوعا من الأسماك. ومن المعروف عن اسماك القرش التابعة لجزيرة بالاو، أنها من بين 130 نوعاً من اسماك القرش المهددة بالانقراض، ولذلك قررت حكومة بالاو في عام 2009م، أن تمنع الصيد مُطلقاً في هذه المنطقة، للحفاظ على نوعية الأسماك النادرة.
5. البحر الأحمر
يستمد البحر الأحمر اسمه من وجود أعشاب وطحالب بحرية ملونة، تطفو على سطح مياهه، هذه الأعشاب والطحالب تعكس لوناً أحمر لمياه البحر، خصوصاً عند غروب الشمس وانعكاس أشعتها على البحر، ويقول البعض أن سبب التسمية يعود إلى وجود سلاسل الجبال عند ساحله الغربي في الجانب المصري منه، وهذه الجبال حمراء داكنة تعطي ظلالها المنعكسة على مياه البحر لتظهره باللون الأحمر.
ويقع البحر الأحمر على جزء من الوادي المتصدع الكبير، وتبلغ مساحته حوالي 438 ألف كيلومتر مربع، ويبلغ طوله حوالي 2250 كم، وأوسع نقطة فيه تبلغ 355 كم، وأقصى عمق به 2211 م، ويبلغ متوسط العمق به 490 م، ومع ذلك توجد أرصفة ضحلة تحظى بوجود الكائنات البحرية والشعاب المرجانية، كما انه يُعد من أكثر بحار العالم سُخونة ومُلوحة بسبب درجات الحرارة العالية، وتبلغ متوسط درجات الحرارة في الصيف حوالي 26 درجة مئوية، وفي فصل الشتاء تصل إلى حوالي 24 درجة مئوية.
ولأنه إحدى عجائب الدنيا السبع تحت الماء، فإنه يتمتع بخصائص جغرافية ونظام بيئي غني، حيث يضم أكثر من 1200 نوع من الأسماك، و 2000 كم من الشعاب المرجانية على امتداد سواحلها، التي تتراوح عمرها ما بين 5: 7 آلاف سنة، وأكثر من 1000 نوعا من اللافقاريات، وأكثر من 200 نوعا من المرجان المادية وغير المادية، وبالرغم من أن معظم الحيوانات البحرية الموجودة هناك أليفة، إلا أن هناك بعض الأنواع الخطيرة التي يتوجب على الغواصين الحذر منها.
والغوص في مياه البحر الأحمر يعطي لك فرصة لرصد الحياة البحرية بداية من اسماك القرش، والدلافين، وشعاب الجورجنيان، وريشة النجوم، والشعاب الضحلة، والغوص في مجموعة من حطام السفن الأكثر إثارة بالعالم، والتي من المرجح أن لا تجدها في أي مكان آخر، كما توجد في أماكن أخرى الشعاب النابضة بالحياة والتي تمتد بعيدا في البحر الأحمر، وتشكل متاهات معقدة من هضاب وكهوف وبحيرات وحدائق، ويمكن في غضون لحظة واحدة أن تجد نفسك في حديقة المرجان على القمة، وبعد ذلك بلحظات تجد نفسك بجوار الجدار الهائل، الذي يغرق آلاف الأقدام إلى أعماق البحر الأحمر المظلمة.
وفي عام 1983م أقامت الحكومة المصرية محمية وطنية سميت باسم “محمية رأس محمد” لحماية الحياة البحرية المحلية في البحر الأحمر، ومنذ ذلك الحين وهي منطقة تجذب أعداداً كبيرة من هواة الغطس بالعالم.