26‏/5‏/2012

البتراء في الأردن.. الأسطورة بين يديك

البتراء، الأردن

                                                 "البتراء" المدينة الوردية المذهلة في قلب الصحراء

 قرص الشمس الناري يتوسط زرقة السماء الصافية ونقوش خالدة شاهدة على جمال الطبيعة البكر التي لم تبح بكل أسرارها بعد، فهي تُبقي عليها لمن اختارتهم ووهبت لهم نفسها، هؤلاء المختارون اللذين بعزيمتهم وجهدهم يشق الصخر ويتحرك الحجر وتخرج المدن من بطون الجبال.

هناك في الصحراء وحيث الصمت يغلف المكان إلا من صوت الريح تعانق الصخور في حوار أبدي لا ينتهي بينهما…
 وعندها فقط تشعر برغبة عارمة للانطلاق إليها، إلى تلك المدينة الشرقية المذهلة، المدينة الوردية التي لا مثيل لها، 
إلى البتراء.
تقع البتراء على بعد 225 كيلومتر جنوب العاصمة الأردنية عمّان، حوالي ثلاثة ساعات على الطريق الصحراوي إلى الغرب من الطريق الرئيسي الذي يصل بين عمّان ومدينة العقبة على ساحل خليج العقبة من البحر الأحمر.
البتراء كما تبدو من داخل السيق، الأردن
وتتميز مدينة البتراء بأنها حُفرت في صخر “وادي موسى” الوردي، ولذا سميت بالمدينة الوردية. و يمكنك أن تصل اليها بواسطة السيارة وبعدها تبدأ في السير بين جنبات مدينة ضخمة محفورة في الصخر، ومختبئة خلف حاجز منيع من الجبال المتراصة التي بالكاد يسهل اختراقها يطلق علية اسم (السيق) أو  (الشق)، والذي يبدأ من مدخلها الرئيسي ويواصل طريقه بين جداري الجرف الضيقين، واللذين يصل ارتفاعهما إلى مائة متر ويسمحان بصعوبة لأشعة الشمس بالمرور في خيوط رفيعة ومتقطعة.
وفي طريقك تشاهد هذة الفرج الضيقة في الصخور والمنقوش عليها العديد من الكتابات الأثرية واللغات القديمة التي تعود إلى عصر الإمبراطورية الرومانية، وحينما يقترب السيق من نهايته، وفيما أنت سارح في حيرة تحاول فك هذة الطلاسم التي شاهدتها،  فجأة وفي استدارة جانبية للشق يُغشي عينيك الضوء الساطع لأشعة الشمس والتي تجمعت وتركزت على هذة الواجهة الضخمة في منطقة فسيحة لتظهر الخزنة الشهيرة  البراقة والمنحوتة في الصخر بارتفاع 140 مترا وعرض 90 مترا.
هذه الواجهة الشاهقة هي ذاتها التي افتتن بها مخرج فيلم المغامرات “أنديانا جونز” فاستخدمها في سلسلة اللقطات الأخيرة للفيلم السينمائى  الشهير، وهذة الواجهة ليست سوى أول سر من أسرار البتراء ولاسيما مع وجود هذة الجرة القابعة في أعلى هذا الصرح العظيم والتي كانوا يعتقدون قديما أنها تحوي كنوزاً لا تُعد ولا تُحصى من الذهب والجواهر الثمينة ومن هنا جاء اسم (الصرح). 
البتراء ليلاً، الأردن

 تكفيك زيارة البتراء لتعرف مدى تصميم وعزيمة أولئك الذين بنوها، فقد شقوا عاصمتهم في صخر الصحراء الصلب لتدوم دولتهم قرابة خمسمائة عام، ولا زالت آثارهم تشهد لهم بالعلم والمعرفة والعراقة بعد مرور أكثر من ألفي عام، فإلى اليوم مازالت آثار هذة البيوت القديمة المنحوتة في الصخور وكذلك تلك الردهات الفسيحة وقاعات الاحتفالات الضخمة والصهاريج والحمامات وصفوف الدرج المزخرفة والأسواق والبوابات ذات الأقواس والشوارع والأبنية، وكذلك قنوات المياة المميزة إذ تتفرد البتراء بنظامها المائي المدهش، حيث تتوزع فيها قنوات مبنية بشكل هندسي يضمن انسياب الماء من منابعة وعيونة إلى كافة المناطق الحيوية في المدينة بفعل الجاذبية. كما يمكنك مشاهدة شارع الأعمدة الذى يعد قلب مدينة البتراء، والسوق الذي كان يوماً سوقاً مركزياً يعج بالحركة وتحف بة المخازن والمنازل.
الدير الوردي
مشياً على قدميك، أو على ظهر جواد، أو في عربة تجرها الخيول تستطيع الوصول إلى الدير المقدس، والذى يتكون من مجموعة متواصلة من 8000 درجة حجرية.
الدير في البتراء

وبصفة عامة يمكن القول أن البتراء مدينة متنوعة الحضارات والثقافات لا تقتصر على آثار الأنباط وحدهم، إذ يستطيع الزائر أن يشاهد على مقربة منها موقع البيضاء وموقع البسطة اللذين يعودان إلى عهد الأدوميين قبل 8000 سنة.  بالتأكيد بدأت الآن تلمس إجابات عن أسئلة دارت في ذهنك قبل زيارتك البتراء أهمها سبب الشهرة العظيمة لهذة المدينة الفاتنة، والتي كلما توغلت في اكتشافها باحت لك بالمزيد.

المصدر:travelerpedia

اقرأ ايضا